السلام الوافي من دنيا الوافي
سيرة عطرة للشيخ الجليل عبدالباسط عبدالصمد رحمه الله تعالى
توفي الشيخ عبدالباسط عبدالصمد في يوم الأربعاء الموافق (21 من ربيع الآخر 1409 هـ= 30 من ديسمبر 1988م)
بعد أن ملأ الدنيا بصوته العذب وطريقته الفريدة ..
الشيخ عبدالباسط عبدالصمد من بين الذين لمعوا بقوة في دنيا قراءة القرآن
حيث تبوأ مكانة رفيعة بين أصحاب الأصوات العذبة والنغمات الخلابة
وطار اسمه شرقا وغربا، واحتفى الناس به في أي مكان نزل فيه
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
والشيخ عبدالباسط من مواليد بلدة "أرمنت" التابعة لمحافظة قنا بصعيد مصر سنة (1346هـ= 1927م)
حفظ القرآن الكريم صغيرا وأتمه وهو دون العاشرة من عمره على يد الشيخ محمد سليم
ثم تلقى على يديه القراءات السبع وكان الشيخ به معجبًا، فآثره بحبه ومودته
حيث وجد فيه نبوغا مبكرا؛ فعمل على إبرازه وتنميته
وكان يصحبه إلى الحفلات التي يدعى إليها
ويدعوه للقراءة والتلاوة وهو لا يزال غضًا لم يتجاوز الرابعة عشرة، وكان هذا مرانًا لصوته وتدريبا لأدائه
وبدأت شهرةالشيخ في الصعيد مع إحياء ليالي شهر رمضان
حيث تُعقد سرادقات في الشهر الكريم تقيمها الأسر الكبيرة
ويتلى فيها القرآن وكان الناس يتنافسون في استقدام القرّاء لإحياء شهر رمضان
.
قدم الشيخ عبدالباسط إلى القاهرة سنة (1370هـ= 1950م) في أول زيارة له إلى المدينة العتيقة
وكان على موعد مع الشهرة وذيوع الصيت، وشهد مسجد السيدة زينب مولد هذه الشهرة
حيث زار المسجد في اليوم قبل الأخير لمولد السيدة الكريمة، وقدمه إمام المسجد الشيخ "علي سبيع" للقراءة
وكان يعرفه من قبلُ، وتردد الشيخ وكاد يعتذر عن عدم القراءة لولا أن شجعه إمام المسجد
فأ قبل يتلو من قوله تعالى في سورة الأحزاب:
"إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلواعليه وسلموا تسليما" وفتح الله عليه
وأسبغ عليه من نعمه، فكأنه لم يقرأ من قبل بمثل هذا الأداء، فجذب الأسماع
وأرهفت واجتمعت عليه القلوب وخشعت، وسيطر صوته الندي على أنفاس الحاضرين
فأقبلوا عليه وهم لا يصدقون أن هذاصوت رجل مغمور، ساقته الأقدار إليهم فيملؤهم إعجابا وتقديرا
وما هي إلا سنة حتى تقدم الشيخ الموهوب إلى الإذاعة سنة (1371هـ= 1951م) لإجازته، وتشكلت لجنة من كبار العلماء
وضمّت الشيخ الضياع شيخ عموم المقارئ المصرية، والشيخ محمود شلتوت قبل أن يلي مشيخة الجامع الأزهر، والشيخم حمدالبنا
وقد أجازته اللجنة واعتمدته قارئا، وذاع صيته مع أول قراءة لهفي الإذاعة، وأصبح من القرّاء الممتازين
وصار له وقت محدد مساء كل يوم سبت، تذاع قراءته على محبّيه ومستمعيه
اختيرالشيخ سنة (1372هـ=1952م) قارئًا للسورة في مسجد الإمام الشافعي،
ثم قارئا للمسجد الحسيني خلفًا لزميله الشيخ "محمود علي البنا" سنة (1406هـ= 1985م)
ثم كان له فضل في إنشاء نقابة لمحفظي القرآن الكريم
وانتُخب نقيبًا للقرّاء في سنة (1405هـ= 1984م).
وقد طاف الشيخ معظم الدول العربية والإسلامية، وسجل لها القرآن الكريم، وكانت بعض تسجيلاته بالقراءات السبع
و مع الأربعة العظام: الشيخ محمود خليل الحصري، ومصطفى إسماعيل، ومحمد صدّيق المنشاوي، ومحمود علي البنا
وقداستقبل المسلمون في العالم هذه التسجيلات الخمسة للقرآن بالإعجاب والثناء
ولا تزال أصوات هؤلاء الخمسة تزداد تألقا مع الأيام
ولم يزحزحها عن الصدارة عشرات الأصوات التي اشتهرت، على الرغم من أن بعضها يلقى دعمًا قويًا
ولكنها إرادة الله في أن يرزق القبول لأصوات بعض عباده
وكأنه اصطفاهم لهذه المهمة الجليلة.